بقلم الأديب/ مصطفى بدوى
في الوقت الذي كان فيه الشارع يتساءل ويراقب بعين القلق وعدم الرضا عن حقيقة ما يجري في المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية.. جاء بيان الرئيس عبد الفتاح السيسي الموجه للهيئة العليا للانتخابات ليعيد الامور الى نصابها.. الرئيس قال بوضوح إن تقارير وصلته تفيد بوجود مخالفات تم رصدها اثناء العملية الانتخابية.. وطالب بفحصها فحصا كاملا .. والبحث فيها بجدية.. ولو استدعى الامر الغاء الانتخابات كلها او في بعض الدوائر .. وللحق كان هذا البيان تاريخيا وجاء في لحظة حاسمة.. كاد فيها مسار الوطن الديمقراطي ان ينحرف لولا هذا التدخل الذي اعاده الى طريقها الصحيح.. واعاد للناس ثقتهم.. واعطى رسالة ان صوت المواطن لا يجوز العبث به.. ولا يجوز ان يعلو فوقه صوت الفساد او النفوذ او المصالح الضيقة .. فهل يعي الجميع أهمية البرلمان ودوره في رسم ملامح دولة تسعي للنهوض ؟؟
في كل دورة برلمانية تتجدد الوعود وترتفع الشعارات ويعلو الحديث عن التغيير والاصلاح.. لكن على الارض تظل الام الناس كما هي.. تظل الملفات الموجعة مطوية في الادراج لا يلمسها الا وجع المواطن.. نحن لا نطلب المستحيل.. لا نريد نائبا يملك عصا سحرية.. بل نريد نائبا له انياب قوية انياب شرسة.. لكن ليست انيابا ينهش بها حقوقنا.. بل انيابا يغرسها في قلب الفساد لا في جيوبنا.. نريد انيابا تنهش الظلم لا تنهش امل الفقير.. انيابا تعض على ملفات الاهمال والفساد والوساطة والمحسوبية.. اين النائب الذي اذا رأى مستشفى بلا دواء او مدرسة بلا مقعد صرخ تحت قبة البرلمان كما يصرخ المواطن تحت سقف الالم.. اين النائب الذي اذا سمع ان عاملا طرد ظلما او ارملة جوعت قهرا او شابا يئس من وطنه حمل وجعهم كما يحمل اسمه.
. اين نائب الشعب.. اين ضمير الامة.. اين ذلك الذي ينتخب ليحاسب لا ليجامل ليحمي لا ليهادن ليدافع عن حقوقنا لا ليدهسها باقدامه .. لقد تعب المواطن من التمثيل المسرحي تحت القبة ومن التصفيق الفارغ ومن الحناجر التي ترتفع فقط للمديح وللاطراء للمسؤولين الذين لا يقدمون شيئا … الشعب لا يريد نائبا يبتسم له في صورة الدعاية ثم يكشر في وجهه باقي دورته.. الشعب يريد نائبا لا يعرف النوم اذا بات احد جائعًا. لا يستريح اذا تعثرت طفلة في طريق مهمل.. ولا يسكت اذا صعد فاسد على اكتاف الصمت .. ونحن لا نبالغ اذا قلنا ان المواطن اصبح يتمنى ان يرى النائب كما كان قبل الانتخابات.. مبتسما متواضعا متواصلا يسمع الشكاوى ويعد بالحلول.. ثم لا يختفي فجأة بعد الفوز.. وتختفي معه ابتساماته التي كان يوزعها طلبا للصوت .. نحن بحاجة الى نواب بانياب حقيقية.. لا انياب تنمو حين يذكر المال وتختفي حين يذكر الشعب.. انياب تحفر في ملفات الفساد وتترك اثرا في كل موضع خيانة امانة او سرقة حق ..
يا من تترشحون. علي مقاعد البرلمان اعلموا ان النيابة عن الشعب مسؤولية لا امتياز.. محكمة لا منصب.. مرآة لا منصة للوجاهة ..
ويا ايها المواطن.. لا تمنح صوتك لمن لا يملك الا الصوت.. ولا تختر الا من يملك الوعي والارادة والوجع الحقيقي لاجلك .. لن تصلح هذه الامة الا اذا دخل البرلمان من يشعر بآلامها لا من يبحث عن مكاسبها.. فكل شعب يختار نوابه بلا وعي سيجد امامه انيابا تنهشه بدلًا من ان تحميه.






